الدوحة ــ القبس:
أبدى الدكتور حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان عتبه على الدول العربية، قائلا إن العرب لم يبدوا أي اهتمام في السابق بالنساء اللواتي اغتصبن في دارفور رغم أنهن نساء عربيات مسلمات، كما أنهم لم يهتموا بالقرى التي احترقت هناك ولا بمئات الآلاف الذين شردوا جراء الحرب ولا بتعطل موارد الرزق للأهالي وخراب محاصيلهم، لكن عندما تعلق الأمر بالرئيس عمر البشير وأصبح متهما.. تحركوا.
وقال الترابي في مقابلة مع "القبس" خلال زيارته الدوحة أخيرا "إن الجميع يريد حل المشكلة الآن من أجل شخص، إلا أننا نحن نريد حلها من أجل شعب درافور".
وأضاف أن محكمة الجنايات الدولية توجه التهم إلى أشخاص لا إلى دول، لأن توجيه التهم إلى الدول من اختصاص المحكمة الدولية، كما أن المسلمين ليست لديهم حصانة لأحد منهم، لا للرئيس ولا للخليفة ولا للأمير، فالجميع سواسية أمام القانون.
وعما إذا كانت هناك خشية من أن تستخدم الاتهامات الموجهة إلى البشير لأغراض سياسية، قال الترابي إن كل قانون يمكن أن يستخدم لأغراض سياسية، بما في ذلك في السودان، فالسودانيون يتدخلون لإجبار القضاة على أمر ما، ومن يعاكس الحكومة يودع في السجون، لكنه أضاف مستدركا: لا يعني هذا أن القضاء السوداني غير مستقل، فعدم استقلالية القضاء ليس بسبب عيب فيه، بل بسبب تدخلات الحكومة.
شبهات ذات قيمة
وأوضح الترابي أنه منذ عام 2005 حينما أحيلت القضية الى أوكامبو وحتى اليوم، تمكن من جمع بيانات واسعة "ولا يستطيع أحد أن يقول إن هذه الشهادات لا قيمة لها، فيجب أن ننتظر حتى تعلن في المحكمة، وعندئذ يستطيع القانوني أن يحكم ما اذا كانت البيانات كافية".
ورأى أن الادعاء بحق البشير ليس فيه أي صبغة سياسية، وخصوصا أنه تم اختيار أوكامبو من قبل 108 دول أعضاء في الأمم المتحدة، بعد أن ترشح عدة قانونيين في العالم لهذا المنصب.
حرق القرى
وعما إذا كان يعتقد أن الرئيس السوداني هو من أمر بحرق القرى في دارفور أو أن الجرائم تم ارتكابها بواسطة عناصر في الجيش والأمن، أجاب الترابي بأنه عندما كان في السلطة لم يكن أحد يملك حصانة، أما الآن فحتى ضباط الأمن والجيش لهم حصانة، فلا أحد يستطيع أن يحاسب الرئيس، لكن لماذا لا تستطيع أن تحاسب الرئيس؟ لماذا فرح الجميع وصفق وهلل حينما اقتادوا كارادزيتش الى المحكمة الدولية في لاهاي؟.. هل لأنه غير مسلم؟! فالإسلام يقول "النفس بالنفس"، واذا ارتكبت جناية على النفس مهما كانت، فيجب أن يحاسب، فلماذا هذا التناقض في مواقفنا؟ علما أن التهم الموجهة للبشير أخطر بدرجات من تهم كارادزيتش وذنبه أكبر؟
إنه يعلم
وعبّر الترابي عن اعتقاده بأن من غير الممكن ألا يكون البشير على علم بالمخالفات اللاإنسانية التي ارتكبت في دارفور، قائلا: اذا كان هنالك قوات تابعة للقائد وتقوم بأمور مخالفة فعليه محاسبتهم على الأقل.
وبشأن الاتهام الذي وجّهه نائب الرئيس علي عثمان طه مباشرة للإسلاميين في السودان، وفيه أن أيديهم ملطخة بدماء اهل دارفور وأنهم السبب في تأجيج نيران الصراع، قال الترابي إن علي عثمان طه "ساذج"، وتساءل: متى اندلعت أزمة دارفور؟.. دارفور كانت تحت الاحتلال الانكليزي، ثم خضعت للعثمانيين واحتلت، ولم نكن نحن في الوجود اصلا، ثورة دارفور كانت حاضرة في اكتوبر ضد حكم الفريق ابراهيم عبود، وكان فيها جناح عسكري، فهذه الازمة قديمة جدا، فكيف يقول علي عثمان هذا الكلام؟
دور الجامعة العربية
وبشأن دور الجامعة العربية في أزمة دارفور، قال الترابي إن الجامعة العربية فشلت في السودان كما فشلت في العراق ولبنان والصحراء الغربية واليمن، وحتى لو اعتدي على دولة عربية، فلن يكون بإمكان الجامعة فعل شيء وستقف عاجزة.
وشدد الترابي على أن حزب المؤتمر الشعبي ليس لديه جناح عسكري، وقال: البشير نفسه كان جناحنا العسكري، ولو كان لدينا نزعة عسكرية لكنا استبدلنا بالبشير غيره مباشرة حينما أحسسنا أنه يحاول الانقلاب علينا، لكنه غدر بنا وتسلم السلطة واحتل دورنا واستولى على الشركات التي لم يؤسسها.
وذكر أنه يحاور جميع الحركات المسلحة في السودان، قائلا: أحاور الجميع وحتى أميركا والغرب. وقال الترابي ان الصلح بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحزب المؤتمر الشعبي لا يمكن أن يتم إلا إذا تغير نظام الحكم وأصبح ديموقراطيا منتخبا من قبل الشعب، لافتا إلى ان السودان "قارة لا يمكن ان تُحكم بالقوة".