مندوب السودان لدى الأمم المتحدة
السفير عبد المحمود عبد الحليم
المندوب الدائم للسودان بالامم المتحدة يكشف لـ«اخبار اليوم» تفاصيل سقوط مشروع القرار البريطانى الفرنسى البلجيكى لمجلس الامن
نيويورك : إتصال هاتفي لـ (أخبار اليوم)
حققت البعثة السودانية الدائمة بالأمم المتحدة انتصاراً كبيراً بنجاح تحركاتها في إحباط مشروع القرار البريطاني ـ الفرنسي ـ البلجيكي لمجلس الأمن الدولي عقب استماع المجلس للتقرير نصف السنوي للمدعي العام الجنائي الدولي الذي طالب في ختام تقريره المجلس بإصدار ما أسماه ببيان رئاسي قوي يطالب السودان بتسليم السيدين هارون وكوشيب للمحكمة الجنائية الدولية وتعاون السودان مع المحكمة
وقد أجرى رئيس التحرير حواراً هاتفياً مع الاستاذ عبد المحمود عبد الحليم المندوب الدائم للسودان بالأمم المتحدة مساء أمس حول هذا التطور بعد ودقائق من انتهاء جلسة المجلس دون اصدار البيان، مما يعني سقوط مشروع القرار الثلاثي، وقد خرج السفير الفرنسي بالأمم المتحدة غاضباً وأدلى بتصريحات قال فيها إن مجلس الأمن الدولي فقد مصداقيته وفشل في التعامل مع السودان.
ü قلت : ما هي الظروف التي صاحبت مشروع القرار الثلاثي : البريطاني، الفرنسي، البلجيكي، الداعم لتقرير المدعى الجنائي الدولي؟
ـ المندوب الدائم للسودان : كما حدثتك مطولاً قبل يومين عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن الدولي التي قدم فيها أوكامبو تقريره نصف السنوي، فلقد تم حشد كبير داخل المجلس وخارجه، كما تمت دعوة كافة الدول الاعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية لحضور الجلسة، وكما قلت لك ونشرتموه في حينه بـ (اخبار اليوم) فلقد قدم أوكامبو بياناً سياسياً وسيئاً ضد السودان، وقال في السودان (مالم يقله مالك في الخمر)، وقال إنهم سيفتحون تحقيقات جديدة بدارفور وان الحكومة توفر الحماية لأحمد هارون وكوشيب وترفض تسليمهما للمحكمة الجنائية الدولية، وباختصار فإنه كان يريد محاكمة السودان (بجرة قلم) وتحول من مدعى عام لقاضي يصدر الأحكام.
ولقد ساندت الدول الاوربية وبعض الدول التي تشايعها مثل بيرو وبنما والولايات المتحدة الامركية على استيحاء باعتبار أنها غير موقعة على ميثاق روما ولا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية .. ساندت تقرير المدعى العام الجنائي ومطالبته بإصدار ما أسماه بالبيان الرئاسي القوي من مجلس الامن ومطالبة السودان بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليمها هارون وكوشيب للمحكمة.
وتقدمت الدول الثلاثة بريطانيا وفرنسا وبلجيكا بمشروع قرار البيان الرئاسي.
ü قلت : وماذا كان موقف الدول الصديقة والمساندة للسودان؟
ـ المندوب الدائم للسودان : نعم لقد تحركت معنا الدول الصديقة ولعب الوفد الصيني دوراً ممتازاً ومؤثراً وساندوا تحركاتنا المكثفة التي تواصلت ليل نهار لإحباط مشروع القرار الاوروبي، وأوضحنا ان تمرير مشروع القرار سيؤذي العملية السياسية بالسودان.
وقد كلف الخبراء بصياغة مشروع بيان رئاسي لمجلس الامن يستجيب لما دعا اليه المدعى الجنائي الدولي وما ورد بمشروع القرار الاوروبي الثلاثي المشار اليه، وقد استمرت اجتماعات الخبراء لثلاثة ايام متواصلة، وقد بدأت حملة من الدول المساندة وحملة مضادة من جانبنا بمساندة الدول الصديقة، حيث اوضحنا بجلاء أن أي شئ يصدره المجلس سيؤذي خارطة الطريق بين السودان والامم المتحدة والاتحاد الافريقي بمساراتها الاربعة : المسار السياسي الذي يقوده الياسون ود. سالم ومسار حفظ السلام بنشر العملية الهجين ومسار انساني والمسار الرابع لإعادة البناء.
وهذه هي مرجعية علاقاتنا منذ نوفمبر 2006م أو ما عُرف بتفاهمات اديس والاجتماع الثاني الدولي الاخير بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
كما اوضحنا ان السودان ليس عضواً في ميثاق روما ولا يخضع لمعاهدة المحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية روما نفسها تعطي اولوية للقضاء الوطني في اية دولة، وقلنا إن تسييس هذه القضية سيؤثر على مصداقية مجلس الامن الدولي، حيث ان المحكمة الجنائية الدولية وهي جهاز قضائي لا يمكن ان تأخذ تعليمات من جهاز سياسي (مجلس الأمن الدولي) كما أن المجلس نفسه كان قد استثنى الولايات المتحدة الامريكية من الخضوع للمحكمة، فكيف يمكن أن يجزِّئ العدالة ويكيل بمكيالين مع السودان.
ü قلت : وكيف انتهت هذه المعركة؟
ـ المندوب الدائم للسودان : لقد أطلقت مساء أمس رصاصة الرحمة على مشروع القرار الاوربي، بل لقد تم قبره تماماً وانتهى الأمر، والمجلس لم يصدر أي بيان رئاسي حسب ما كان يريد المدعى العام الجنائي، ويكفي أن السفير الفرنسي خرج غاضباً بعد نهاية الجلسة مساء أمس واتهم مجلس الأمن بعدم المصداقية في التعامل مع السودان.
ü قلت : وهل يعني هذ أن المجلس اكتفى فقط بالاستماع للتقرير؟
ـ المندوب الدائم للسودان : نعم، وسينتظر المجلس لمدة ستة اشهر حتى يقدم أوكامبو تقريره الجديد وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم (1593)
ومن الواضح أن اوكامبو كان يريد دعماً من مجلس الامن الدولي حول تنفيذ اوامر اعتقاله ولكن كما اتضح فلقد انقسم المجلس على نفسه وتم اسقاط مشروع القرار الاوربي بإصدار البيان الرئاسي الداعم لتقرير المدعى العام الجنائي الدولي.
ü قلت : وماذا يعني هذا الأمر بالنسبة لكم؟
ـ المندوب الدائم للسودان : هذا تطور إيجابي ونصر كبير للبلاد ونصر كذلك للدول الصديقة التي ساندته في المجلس وكل القوى الحية والمحبة للسلام بالامم المتحدة، وهذا استفتاء يوضح ان الأولوية يجب ان تعطي للعملية السلمية وانجاحها وينبغي ان تتضافر الجهود لحل سلمي يؤمِّن السلام لأهلنا في دارفور وكافة ربوع هذا الوطن العظيم، وأن تكون الاولوية لمفاوضات السلام، ونهيب بكل اخوتنا من حملة السلاح أن يأتوا جميعاً لطاولة المفاوضات، وفي النهاية لن يحقق السلام والاستقرار للسودان غير أهله.
انتهى الحوار 
موضوع: المندوب الدائم للسودان بالامم المتحدة يكشف 
الأحد 9 ديسمبر - 15:25
