الملتقى الحر للسودانيين بالكويت
الملتقى الحر يرحب بك ويتمنى لك يوما سعيدا
يرجى تسجيل دخول لمشاهدة المنتدى كاملا وامكان المشاركة بالكتابة والتعليق
الملتقى الحر للسودانيين بالكويت
الملتقى الحر يرحب بك ويتمنى لك يوما سعيدا
يرجى تسجيل دخول لمشاهدة المنتدى كاملا وامكان المشاركة بالكتابة والتعليق
الملتقى الحر للسودانيين بالكويت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الملتقى الحر للسودانيين بالكويت

مساحة لطرح ومناقشة قضايا وهموم أبناء الجالية بكل حرية وصراحة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب ( المستقبل لهذا الدين- 8) لسيد قطب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مصطفى يوسف فضل
عضو نشط
عضو نشط



عدد الرسائل : 588
تاريخ التسجيل : 11/10/2007

كتاب ( المستقبل لهذا الدين- 8) لسيد قطب Empty
مُساهمةموضوع: كتاب ( المستقبل لهذا الدين- 8) لسيد قطب   كتاب ( المستقبل لهذا الدين- 8) لسيد قطب I_icon_minitimeالإثنين 5 نوفمبر - 14:39

ولكن هذا الدين، هو وحده الذي يملك تلبية تلك الصرخات وهو وحده الذي تتحقق فيه هذه السمات. وهو وحده الذي توجد عنده هذه (الوصفة) اللازمة لشفاء بني الإنسان!
* * *
إن الإسلام منهج جديد للحياة غير الذي عرفته أوروبا وعرفه العالم في فترة الفصام النكد وقبلها وبعدها كذلك 00 منهج أصيل، مستقل الجذور 00 منهج شامل متكامل. وليس مجرد تعديل للحياة الراهنة وأوضاعها القائمة 00 إنه منهج للتصور والاعتقاد؛ كما أنه منهج للعمل والواقع 00 ومن ثم فهو - وحده - الكفء للاضطلاع بمهمة إعادة إنشاء الحياة البشرية على قاعدة جديدة.
لقد أخطأ المجتمع البشري طريقه. لا من يوم أن اتجه إلى تنمية علوم الجماد وترك علوم الإنسان بدون نماء 00 ولا من يوم أن ترك الآلة تتحكم في حياته، وتكيفها هذا التكيف المناقض لطبيعة الإنسان 00 ولا من يوم أن ترك النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحت رحمة المستغلين يوجهونها لغير صالح البشر، ولغير احتياجاتهم الحقيقية- كما يقرر دكتور كاريل 00
كلا! فهذه مراحل متأخرة في تاريخ الانحراف00
إنما أخطأ المجتمع طريقه يوم أن جعل تلك الملابسات النكدة التي صاحبت عصر الإحياء وعصر التنوير، وعصر النهضة الصناعية 00 تصرفه عن منهج الله كله - لا عن تصورات الكنيسة وحدها- وتوقع (الفصام النكد) في حياته، بين التصور الاعتقادي الإلهي، ونظام الحياة الاجتماعي 00
ولم يعد ذلك الترقيع الجزئي عن طريق العناية بعلوم الحياة وعلوم الإنسان –كما يظن دكتور كاريل- فالناس لا يوجه حياتهم ولا يغيرها أن ( يعلموا ) ولكن يوجه حياتهم ويغيرها أن ( يعتقدوا ) والإنسان هو الإنسان!
ولقد انتظرت من دكتور كاريل - وهو يذكر "ضرورة قلب الحضارة الصناعية وظهور فكرة أخرى للتقدم البشري" – أن يثب وثبة كاملة، فيخرج من قفصه الحديدي "العلمي"! ولكنه لم يستطع هذه الوثبة الكبرى وبقي داخل القفص، يهتف بصيحة الخطر الذي يراه يتهدد البشرية المسكينة الصائرة إلى البوار!
إن الحياة البشرية المهددة في حاجة إلى هذه الوثبة الكاملة، في حاجة إلى أن ترجع إلى فطرتها التي فطرها الله عليها. وهي لا يمكن أن ترجع إلى هذه الفطرة بمبادئ ونظريات أو وسائل تنبع من ذلك التصور الحضاري الذي يكمن فيه الخطر؛ والذي قام ابتداء على أصول معادية لينابيع لفطرة 00 لابد من تصور جديد جدة حقيقية كاملة؛ يغير قاعدة الحياة من الأساس ويردها إلى الفطرة؛ ويقيمها على أساس آخر يتفق مع طبيعة التكوين الإنساني المتكامل؛ ومع الحقيقة الكونية – كما هي في الواقع لا كما تبدو من خلال المناظير الملونة، المصنوعة في معامل الحضارة المعادية!
إن علمنا القليل المحدود عن الكائن البشري - أو جهلنا المطبق بهذا الكائن البشري- كما وصفه هذا العالم العالمي الكبير، لا يسمح إطلاقاً بأن نكون نحن - البشر- الذي نتولى وضع (التصميم) الأساسي ابتداءً لحياة هذا الكائن 00 ولو كان هذا مدى علمنا - أو مدى جهلنا - بجهاز مادي صغير، ما أمن صاحبه أن يتركه لنا لإصلاحه - بله تركيبه! - ولكننا بهذا الجهل – نتصدى لإقامة نظام (للإنسان) 00 أعز وأثمن ما في هذه الأرض جميعاً! ولا نبالي ما يصيبه من جراء (هذا النظام!).
لقد أدركنا الغرور، ونحن نرى العقل البشري يبدع في عالم المادة، ويأتي بما يشبه الخوارق! فوهمنا أن العقل الذي يبدع الطائرة والصاروخ؛ ويحطم الذرة وينشئ القنبلة الأيدروجينية؛ ويعرف القوانين الطبيعية ويستخدمها في هذا الإبداع 00 وهمنا أن هذا العقل جدير بأن نكل إليه كذلك وضع (نظام) الحياة البشرية 00 وقواعد التصور والاعتقاد، وأسس الأخلاق والسلوك 00 ناسين أنه حين يعمل في (عالم المادة) فإنه يعمل في عالم يمكن أن يعرفه، لأنه مجهز بإدراك قوانينه 00 أما حين يعمل في (عالم الإنسان) فهو يعمل في متاهة واسعة بالقياس إليه! هو غير مجهز ابتداء بإدراك حقيقتها الهائلة الغامضة.
ومن عجب أن الذي يقرر هذه الحقيقة هو العالم العالمي الكبير الذي يطلب هذه الحقيقة عند (علم الإنسان)!!
* * *
وفي مقابل ذلك الوهم الكبير، يوجد وهم آخر كبير!
إن بعض الناس يظن أن هيمنة المنهج الإيماني على الحياة، من شأنه طرد العلوم المادية ونتائجها الحضارية من الحياة!
وهو وهم ساذج - على الرغم من أنه وهم كبير! - بل وهم مضحك! ولكنه - مع الأسف - يرتكن في الغرب وفي التاريخ الحضاري له، على واقع تاريخي طويل. حتى ليحتاج من مستر دالاس إلى ذلك الفصل المطول في كتابه: (حرب أم سلام) 00 فصل: (حاجاتنا الروحية) الذي اقتطعنا منه في الفصل السابق تلك الصرخات؛ وتلك التحديات!
غير أن الأمر في المنهج الإلهي الصحيح ليس على هذا النحو 00 إن (الدين) ليس بديلاً من العلم والحضارة. ولا عدوّاً للعلم والحضارة. إنما هو إطار للعلم والحضارة، ومحور للعلم والحضارة، ومنهج للعلم والحضارة في حدود إطاره ومحوره الذي يحكم كل شؤون الحياة.
والإسلام - بالذات - كان هو الإعلان الشامل لحرية العقل البشري تجاه الكون المادي، وقوانينه، وقواه، ومدخراته. وكان الإيذان العام بانطلاق هذا العقل ليعمل ويبدع في ذلك الملك العريض الذي استخلفه ربه فيه. وكانت هذه إحدى الحقائق التي تضمنها التصور الإسلامي عن حقيقة علاقة الخلق بالخالق؛ ومركز الإنسان في هذا الكون، وحدود اختصاصه( ) 00 ومن ثم ازدهرت في ظل الإسلام حضارة كاملة بكل مقوماتها الإبداعية التي كانت تتيحها لها الأدوات والوسائل في حينها -والأدوات والوسائل قابلة دائماً للتطور والترقي- والإسلام يدفع هذا النمو ويقوده، ولكنه يحفظه دائماً داخل إطار الفطرة؛ لا يصطدم بطبيعة الإنسان وخصائصه الثمينة، ولا يحطمها ويكبتها، كما يقرر دكتور كاريل عن الحضارة المعاصرة!
ولقد كان الإسلام هو الذي أنشأ - بطبيعة واقعية منهجه - المنهج التجريبي، الذي انتقل إلى أوربا من جامعات الأندلس؛ والذي أقام عليه (روجر بيكون) و (فرنسيس بيكون) - الذي يسمونه افتراء (أبا المنهج التجريبي) - منهجهما كما قرر ذلك بريفولت وجوهرنج من الكتاب الغربيين أنفسهم( ).
إن الإسلام يكل رسم (التصميم) الأساسي للحياة البشرية، إلى العلم الكامل الشامل، المبرأ من الجهل والقصور والهوى كذلك يكله إلى علم الله - سبحانه - بما أن الله هو الذي أبدع الكون وما فيه؛ وأبدع قوانينه وطاقاته؛ وأبدع الإنسان وزوده باستعداداته للعمل في مادة هذا الكون العريض 00 وهو الذي يعلم - وحده - كل حقائق الكينونة البشرية وكل حقائق الطبيعة الكونية 00 فهو- وحده - القادر على أن يصنع للإنسان نظام حياة؛ شاملاً لحياته الفردية والجماعية؛ ولحياته في الكون المحيط به 00 عن (علم مطلق) يقابل (جهلنا المطبق) 00 وفي الوقت ذاته لا يلغي العقل البشري - كما أرادت الكنيسة ذات يوم- هذه الأداة العظيمة، التي وهبها الله للإنسان ليعمل بها ويبدع؛ لا ليغلها أو يلغيها! وفقط يحوطها بالسياج الواقي من الهوى، ومن التهور، ومن الخبط في التيه، ومن النكسة والانحدار. ويضع لها المنهج الذي يقوّمها منها فلا تميل؛ ويهديها فلا تضل؛ ويكفل لها حريتها واستقامتها على السواء.
وبهذا يظل (الإنسان) هو سيد (المادة) بضمانة من المنهج الذي أبدعه له مبدع الإنسان والمادة. وبالتصور الذي يشعره بكرامته على الله؛ كما يشعره بعبوديته لله. وفي الوقت ذاته يشعره بأنه مستخلف في هذا الملك العريض 00
* * *
ومن هذا كله يتبين أن الإسلام - وحده - هو المنهج الذي يستصرخه مستر دالاس - ولكنه لا يتجه إليه!- المنهج الذي يملك أن يتقدم لتخليص البشرية من بربرية الحضارة الصناعية –كما يعبر دكتور كاريل - ومن مصيدة الشيوعية - كما يقول مستر دالاس- وأننا نحن أصحاب المنهج الإسلام - وحدنا - الذين نملك تلك الوثبة الكبرى!
إن هذه الحضارة الصناعية التي تحيط بالبشرية اليوم، تحطم أهم ما في كيان (الإنسان) وتحارب أرفع مقوماته الإنسانية، وفي الوقت الذي تقدم له تلك التسهيلات الرائعة - وإن كانت هذه التسهيلات قد تكون مؤذية لكيانه المادي ذاته - كما يقرر العالم العالمي الكبير، في مواضع شتى من كتابه القيم 00
والإسلام - بطبيعة تصوره لحقيقة الكون ودور الإنسان فيه، وبطبيعة منهجه الواقعي التجريبي- لن يعمد إلى المصانع فيحطمها! ولن يعمد إلى تلك التيسيرات التي تقدمها الصناعة للحياة البشرية فيلغيها!
ولكن الإسلام سيعمد - ابتداء - إلى تغيير النظرة إلى هذه الحضاريات وقيمتها 00 سيمنحها قيمتها الحقيقية بلا مبالغة وبلا بخس كذلك! بحيث يصبح الروح الإنساني المؤمن هو المسيطر عليها. لا أن تكون هي المسيطرة عليه، وعلى تصوراته ومشاعره وأوضاعه وأنظمته ..
إن الإسلام سيقر في خلد الإنسان قيمته العلوية ومقوماته الكريمة 00 سيستنقذ الروح الإنساني من المهانة التي فرضها عليه (دارون) و (كارل ماركس) وأشباههم! وعندئذ سيشعر أنه هو السيد، الذي ينبغي أن يسيطر على الآلة، وعلى الإبداع المادي، والحضارة 00
وحين يصبح الروح الإنساني المؤمن هو المسيطر، فيومئذ سيصبح متمتعاً بحريته - في إطار عقيدته - قادراً على الاختيار 00 فالاختيار هو العنصر الهام الذي يفتقده الروح الإنساني الآن. وهو مجبر مقهور ذليل للآلة؛ وللتصورات المنبثقة من دورتها الآلية!
والقدرة على الاختيار ستتيح للروح الإنساني المؤمن، أن يستبعد العناصر الضارة في هذه الحضاريات، وينمي العناصر الصالحة، المتفقة مع الحاجات الحقيقية للكينونة الإنسانية. كما أن سيطرة الروح الإنساني المؤمن ستتيح له التحرر من الأوضاع المنافية لكرامته، ومن طرائق الإنتاج وأنظمه العمل التي تهدر فيها مقومات الإنسان الكريمة ، فليست طرائق الإنتاج وأنظمة العمل شرائع مقدسة! إنما هي مجرد وسائل استغلالية لتنمية مقادير الإنتاج المادي، على حساب المقومات الإنسانية! فإذا تقرر أن (الإنسان) أكرم وأغلى من (الأشياء) تغيرت طرائق الإنتاج وأنظمة العمل بحيث توائم بين وفرة الإنتاج ومقومات الإنسان الكريمة 00
وفي حالة نشأة تصورات وقيم جديدة، منبثقة من المنهج الإسلامي للحياة 00 وما يتبع هذه النشأة من سيطرة الروح الإنساني المؤمن على الحضارة الصناعية وأدواتها وطرائقها، مع القدرة على الاختيار التي هي وليدة تلك السيطرة 00 في هذه الحالة فقط يصبح المزيد من (علوم الإنسان) ذا قيمة حقيقية في إطار التصميم الكلي. كما يصبح من الممكن تلبية هتاف مستر دالاس إلى المنهج الذي يصف سماته، ولا يجده بين يديه؛ ولا تملك كنيسته ولا آباؤه الروحيون - وهو أحدهم! - أن تقدمه له!
ومن حسن الحظ أن الفطرة الإنسانية ذاتها- كما أبدعها الله- متناسقة مع فطرة الكون. وأن فطرة الكون، كفطرة الإنسان، تحتوي على عناصر الحركة والإبداع والنمو والترقي 00 ومن ثم ستجد الفطرة أن الكثير من هذه الحضاريات يلبي ويتمشى مع حاجاتها الحقيقية المترقية 00 ولن تصطدم إلا بما هو ضار بكينونة الإنسان ذاته. وهذا ما يجب أن يطرد وينفى 00 وهذا ما يكفله منهج الله للحياة00 هذا الدين 00 المخلِّص الذي يطلبه الغرب ولكنه يأباه !!!

المستَقبل لهذا الدّين

وحين يتقرر أن الإسلام هو - وحده - القادر على إنقاذ البشرية مما يحدق بها من أخطار ماحقة، تدلف إليها مقودة بسلاسل الحضارة المادية البراقة. وهو - وحده - القادر على منحها المنهج الملائم لفطرتها ولاحتياجاتها الحقيقية. وهو - وحده - الذي ينسق بين خطاها في الإبداع المادي وخطاها في الاستشراف الروحي. وهو - وحده - الذي يملك أن يقيم لها نظاماً واقعياً للحياة يتم فيه هذا التناسق الذي لم تعرفه البشرية قط إلا في النظام الإسلامي - وحده - على مدى التاريخ 00
حين يتقرر هذا كله تتضح معه شناعة الجريمة التي يرتكبها - في حق البشرية كلها - أولئك الذين يوجهون الضربات الوحشية لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان - وفي أولهم مستر دالاس الذي يصرح ويستصرخ في طلب مثل هذا المنهج - والذين يجندون قواهم كلها، لطمس معالم المنهج الإسلامي، ومواراته عن أعين البشرية المتطلعة إلى منقذ، المتلفتة على (مخلص)، وتنفيرها منه بشتى الخدع والتمويهات والأكاذيب!
إنها جريمة بشعة - في حق البشرية كلها - البشرية المسكينة المنكوبة بهذه الحضارة المناقضة لفطرتها ولاحتياجاتها الحقيقة - كما يقرر العالم الغربي الكبير- المهددة بغلبة الفلسفة المادية عليها - كما ينذر مستر دالاس – البشرية التي تدلف إلى الهاوية، مقودة بسلاسل هذه الحضارة المادية البراقة، وهي في كل لحظة تقترب من الهوة الرعيبة، ولا منقذ لها إلا هذا الدين، الذي يحاربه أعداء البشرية، في كل مكان على وجه الأرض، بشتى الخطط والمؤامرات والأساليب!
إلا أن هذه الحرب المشبوبة على الإسلام لا تفقدنا الثقة المطلقة في أن (المستقبل لهذا الدين).
لقد صمد الإسلام في حياته المديدة، لما هو أعنف وأقسى من هذه الضربات الوحشية، التي توجه اليوم إلى طلائع البعث الإسلامي في كل مكان. وكافح - وهو مجرد من كل قوة غير قوته الذاتية- وانتصر، وبقى، وأبقى على شخصية الجماعات والأوطان، التي كان يحميها، وهو مجرد من السلاح!
إن الإسلام هو الذي حمى الوطن الإٍسلامي في الشرق من هجمات التتار؛ كما حماه من هجمات الصليبيين على السواء 00 ولو انتصر الصليبيون في الشرق كما انتصروا في الأندلس قديماً، أو كما انتصر الصهيونيون في فلسطين حديثاً، ما بقيت قومية عربية، ولا جنس عربي ولا وطن عربي 00 والأندلس قديماً وفلسطين حديثاً كلاهما شاهد على أنه حين يطرد الإسلام من أرض، فإنه لا تبقى فيها لغة ولا قومية، بعد اقتلاع الجذر الأصيل!
والمماليك الذين حموا هذه البقعة من التتار، لم يكونوا من جنس العرب إنما كانوا من جنس التتار! ولكنهم صمدوا في وجه بني جنسهم المهاجمين، حمية للإسلام، لأنهم كانوا مسلمين! صمدوا بإيحاء من العقيدة الإسلامية، وبقيادة روحية إسلامية من الإمام المسلم (ابن تيمية) الذي قاد التعبئة الروحية، وقاتل في مقدمة الصفوف!
ولقد حمى صلاح الدين هذه البقعة من اندثار العروبة منها والعرب واللغة العربية 00 وهو كردي لا عربي 00 ولكنه حفظ لها عروبتها ولغتها حين حفظ لها إسلامها من غارة الصليبيين. وكان الإسلام في ضميره هو الذين كافح الصليبيين. كما كان الإسلام في ضمير الظاهر بيبرس، والمظفر قطز، والملك الناصر 00 هو الذي كافح التتار المتبربرين!
والإسلام هو الذي كافح في الجزائر مئة وخمسين عاماً. وهو الذي استبقى أرومة العروبة فيها. حتى بعد أن تحطمت مقوماتها الممثلة في اللغة والثقافة، حينما اعتبرت فرنسا اللغة العربية –في الجزائر- لغة أجنبية محظوراً تعليمها! هنالك قام الإسلام - وحده - في الضمير، يكافح الغزاة، ويستعلي عليهم، ولا يحنى رأسه لهم لأنهم أعداؤه (الصليبيون)! وبهذا - وحده - بقيت روح المقاومة في الجزائر، حتى أزكتها من جديد الحركة الإسلامية التي قام بها عبد الحميد بن باديس، فأضاءت شعلتها من جديد 00 وهذه الحقيقة التي حاول أن يطمسها المغفلون والمضلِّلون، يعرفها الفرنسيون والصليبيون جيداً لأنهم (صليبيون)!
إنهم على يقين أن (الإسلام)، باستعلاء روحه على أعدائه، هو الذي يقف في طريقهم في الجزائر. ومن ثم يعلنونها حرباً على (المسلمين) 00 لا على (العرب) ولا على (الجزائريين)!
والإسلام هو الذي هب في السودان في ثورة المهدي الكبير على الاحتلال البريطاني للقسم الشمالي من الوادي (مصر) ثم القسم الجنوبي (السودان) ومراجعة إعلانات (المهدي) الكبير ، ورسائل (عثمان دقنة) لكتشنر وكرومر وتوفيق، تشهد بحيوية هذا الباعث الأصيل.
والإسلام هو الذي كافح في برقة وطرابلس ضد الغزو الطلياني 00 وفي أربطة السنوسية وزواياها نمت بذرة المقاومة. ومنها انبثق جهاد عمر المختار الباسل النبيل..
وأول انتفاضة في مراكش، كانت منبثقة من الروح الإسلامي. وكان (الظهير البربري) الذي سنه الفرنسيون سنة 1931 وأرادوا به رد قبائل البربر هناك إلى الوثنية، وفصلهم عن الشريعة الإسلامية 00 هو الشرارة التي ألهبت كفاح مراكش ضد الفرنسيين.
لقد كافح الإٍسلام - وهو أعزل - لأن عنصر القوة كامن في طبيعته. كامن في بساطته ووضوحه وشموله، وملاءمته للفطرة البشرية، وتلبيته لحاجاتها الحقيقية 00 كامن في الاستعلاء عن العبودية للعباد بالعبودية لله رب العباد؛ وفي رفض التلقي إلا منه، ورفض الخضوع إلا له من دون العالمين .. كامن كذلك في الاستعلاء بأهله على الملابسات العارضة كالوقوع تحت سلطان المتسلطين. فهذا السلطان يظل خارج نطاق الضمير مهما اشتدت وطأته .. ومن ثم لا تقع الهزيمة الروحية طالما عمر الإسلام القلب والضمير، وإن وقعت الهزيمة الظاهرية في بعض الأحايين.
ومن أجل هذه الخصائص في الإسلام يحاربه أعداؤه هذه الحرب المنكرة، لأنه يقف لهم في الطريق، يعوقهم عن أهدافهم الاستعمارية الاستغلالية، كما يعوقهم عن الطغيان والتأله في الأرض كما يريدون!
ومن أجل هذه الخصائص يطلقون عليه حملات القمع والإبادة، كما يطلقون عليه حملات التشويه والخداع والتضليل!
ومن أجل هذا يريدون أن يستبدلوا به قيماً أخرى، وتصورات أخرى، لا تمت بسبب إلى هذا المناضل العنيد؛ لتستريح الصهيونية العالمية، والصليبية العالمية، والاستعمار العالمي من هذا المناضل العنيد!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب ( المستقبل لهذا الدين- 8) لسيد قطب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الملتقى الحر للسودانيين بالكويت :: المنتدى الديني-
انتقل الى: