السوداني
العدد رقم: 756 2007-12-22
انجمينا:
ترحيل الفرنسيين المتهمين بمحاولة اختطاف الأطفال آخر الشهر الحالي
بدأت المحكمة الجنائية بالعاصمة التشادية انجمينا أمس النظر في محاكمة ستة فرنسيين يعملون في
بدأت المحكمة الجنائية بالعاصمة التشادية انجمينا أمس النظر في محاكمة ستة فرنسيين يعملون في جمعية "آرش دو زوي" –وتعني (سفينة الحياة)- متهمين بالسعي لنقل (103) أطفال من تشاد إلى فرنسا، بالإضافة لثلاثة تشاديين وسوداني واحد المتهمين بـ(التواطؤ معهم).
وعقدت الجلسة ووسط حضور كثيف وإجراءات أمنية مشددة اتخذتها الشرطة وضغوط شعبية متزايدة لمعاقبتهم وتوقعات بالتوصل إلى حلٍّ دبلوماسي لترحيلهم إلى بلادهم، وأوضح الجدول الزمني المفصل للمحكمة بأن النطق بالحكم سيكون في السادس والعشرين من الشهر الجاري، على أن يتم ترحيل المتهمين بعد أربعة أيام من صدور الحكم.
هدوء المتهمين
واتسم المتهمون بـ(الهدوء والجدية) خلال مثولهم في الجلسة الأولى أمام المحكمة المكونة من رئيس لها وإثنين من القضاة المستشارين و(4) محلفين من غير القضاة أدوا القسم في افتتاح الجلسة. وقام كاتب المحكمة في مستهل الجلسة بذكر اسماء المتهمين العشرة الحاضرين ومن ثم تلا محضر الاتهام.
التهم والعقوبات
ويواجه المتهمون الفرنسيون تهم (محاولة خطف أطفال بما يؤثر على وضعهم المدني وتزوير واستخدام أوراق مزورة والاحتيال)، فيما يواجه كل من المتهمين التشاديين والمتهم السوداني تهمة التواطؤ. وفي حالة الإدانة يمكن أن تصدر على الفرنسيين الستة أحكام بالسجن مع الشغل لمدد تتراوح بين خمسة و(20) عاماً.
في انتظار الإجابة
وستحاول المحمكة أن ترى إذا كان الأطفال قد اصطحبوا بهدف تقديم الرعاية لهم، أو كانوا ضحية لعملية اتجار بالأطفال، كما سيرغب القاضي في معرفة سبب وضع ضمادات على أجسام الأطفال على الرغم من عدم معانتهم من أي اصابات وسبب دهنهم بدم زائف.
(مناشدة) و(وعيد)
وناشدت وزير الدولة للشؤون الخارجية وحقوق الإنسان الفرنسية راما ياد الحكومة التشادية بـ(معاملة عمال الإغاثة برحمة ولطف). وأثار امكانية نيل المتهمين لمعاملة خاصة بسبب كونهم أوروبيين احتجاجات من قبل التشاديين عموماً وذوي الأطفال المختطفين على وجه الخصوص، ونقلت وكالة رويترز نقلاً عن مسؤول تشادي قوله: "هل سمعتم أن أفريقيا ارتكب جرماً كبيراً في أوروبا ثم أعيد إلى بلده".
صفقة في الطريق
ويعتقد العديد من المراقبين أن المتهمين الفرنسيين سيقضون عقوبة السجن في فرنسا، بناءً على اتفاق مشترك بين تشاد وفرنسا، أو أنهم سينتفعون من عفو يصدره الرئيس التشادي إدريس دبي. وعزز تكهنات قرب توصل باريس وانجمينا لاغلاق ملف هذه القضية عقد الرئيسيي الفرنسي نيكولا ساركوزي ونظيره التشادي إدريس ديبي الأسبوع الماضي، اجتماعاً مشتركاً على هامش قمة لشبونة التي شارك فيها عدد من الرؤساء الأفارقة والأوربين.
30 ديسمبر (الترحيل)
وقالت وزيرة العدل رشيدة داتي في تصريحات صحفية قبل انطلاق جلسات المحكمة: "إنه في حال صدور حكم بحق عمال الإغاثة فإن بإمكانهم قضاء فترة العقوبة في فرنسا بناء على اتفاقية ثنائية مع تشاد".
فيما أشارت تصريحات رئيس الجمعية الفرنسية إريك بريتو وأحد المتهمين بالقضية عقب بدء المحكمة أمس، لملامح الإخراج النهائي لإغلاق ملف القضية، بقوله بأنه قدم لهم جدولا زمنيا مفصلا تبدأ بموجبه المحاكمة في 21 ديسمبر، مضيفاً: "سيتم الحكم علينا في 26 ديسمبر وسأنال حكماً بالسجن عشر سنوات ثم سيتم ترحيلنا في 30 ديسمبر".
المحكمة المهزلة
ووصف بريتو المحكمة (بالمهزلة)، مشيراً لامتلاكه "ملفاً مدعماً بما يكفي لكشف هذه المهزلة"، مشيراً إلى أنه سيغتنم فرصة حضور العديد من الصحافيين الفرنسيين للمحكمة "لتقديم اثباتات في العمق عن براءتنا"، وأضاف: "حتى اليوم لا أعرف ما إذا كان الأطفال تشاديين أم سودانيين"، وقال: "اذا كان الاطفال تشاديين فإن ذلك يعني أن الوسطاء خدعونا. كنا نعمل بحسن نية وتم الكذب علينا". وحول شرعية التسلل بأطفال إلى فرنسا دون علم أوليائهم، قال بريتو إنهم سعوا لاخفاء الرحيل عن الجميع "بهدف الاحتماء من أجهزة الأمن السودانية"، واضاف: "لكن حين يريد أحدنا القيام بعملية سرية فإنه لا يحط بطائرة بوينغ في مطار أبيشي كبرى مدن شرق تشاد"، مؤكداً "أن الأولوية الوحيدة كانت حياة هؤلاء الأطفال"، واعدا بالكشف "عن وثائق تشير إلى معرفة السلطات الفرنسية والتشادية بالعملية".
روايات مختلفة
واتهم بريتو المتهم السوداني سليمان إبراهيم آدم -الذي ساعد الجمعية على الحصول على (63) طفلاً في منطقة ادري قرب السودان- بتقديم عدة روايات مختلفة مثل قوله كذباً: "بطلب من الأسر التي عهدت إليه بأبنائها على أمل أن يمروا باعتبارهم سودانيين"، وأضاف: "سنسعى إلى دفع القاضي لجعله يقول الحقيقة". فيما قالت احدى المتهمات وتدعى اميلي ليلوش: "سوف نناضل حتى النهاية.
مطالبة بالحق
ويمثل أهالي ستة من أطفال بقية الأسر السبعين فيما يتصل بالإدعاء في المحكمة. وقال أحد ممثلي الأسر بالمحكمة ويدعى محمد سليمان -43 عاماً- في تصريحات "لقد جئنا إلى انجامينا مع المال الذي جمعه أولياء (103) أطفال وأصدقاؤهم، ونحن نسكن هنا مع الأسرة وأهلنا يرسلون لنا تمويناً، ونحن على استعداد للبقاء عاماً كاملاً إن اقتضى الأمر لمتابعة القضية". وتابع "لا يمكن الحصول على طفل بأي طريقة حتى مقابل أموال الدنيا"، مشدداً على المطالبة "بالحق والكرامة". ورأى أنه "حين يرتًكب شخص ما خطأ كبيرا فينبغي أن يحاكم". فيما قال ممثل آخر للأسر ويدعى محمد ارباد -الذي نقل أحد أبنائه من أدري- "لو لم يأت الغربيون لما تمكن التشاديون بمفردهم من التسبب بأضرار. لكن بما أنهم ساعدوا الفرنسيين فهم ايضاً مذنبون".
التمسّك بالكرامة
ومن جانبها رفضت محامية الأسر جوسيان لامينال ندينتامادجى، الكشف عن قيمة الاضرار والتعويضات التي ستطلبها لموكليها، واضافت قائلة: "هناك امر يتمسك به التشاديون كثيراً وهو الكرامة.. لا نرغب ان يأتي احدهم ليسخر منا كما فعل رئيس جمعية رئيس الجمعية الفرنسية إريك بريتو وجماعته"، مشيرةً إلى أن فصل الأطفال عن آبائهم الذي فعلته المنظمة "يعد هو الأمر الأخطر".
البراءة للجميع
أما هيئة الدفاع عن المتهمين فذكرت المحامية سيلين لورينزو -وهي من أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين- بعد زيارتها للمتهمين بأنهم سيطلبون (البراءة للجميع). واضافت: "أن إجلاء أطفال في خطر وارد في اتفاقية جنيف التي لا تنص على أي مسؤولية جنائية ضد القائمين بعملية الإجلاء"، لكنها اعترفت في الوقت نفسه بأن "ذلك يفترض أن الأطفال في خطر وأنهم من دارفور". وأكد محامي آخر من فريق الدفاع وهو جيلبار كولار أن موكليه لم يأتوا إلى تشاد للتسبب في أذى، بل "لتطبيق عقيدة حق التدخل الإنساني وإنقاذ أرواح بأي ثمن".
اطلاق سراح (11)
وكانت السلطات التشادية قد أحبطت في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي بمدينة أبشي شرق تشاد محاولة ترحيل (103) أطفال، واعتقلت (17) أوربياً، أطلق لاحقاً سراح (11) منهم بينهم (3) صحافيين فرنسيين وسبعة من طاقم الطائرة الأسبان وطيار بلجيكي، فيما استمر اعتقال ستة فرنسيين آخرين.
ودخل المتهمون الفرنسيون الستة منذ الثامن من الشهر الحالي في اضراب عن الطعام بسجنهم –
لكنهم واصلوا فيه تناول الماء والحساء فقط- تنديداً بالإجراءات ضدهم، كما اتهموا الحكومة الفرنسية بالتخلي عنهم.
موضوع: ترحيل الفرنسيين المتهمين بمحاولة اختطاف الأطفال آخر الشهر ال 
السبت 22 ديسمبر - 18:39
