(آخر لحظة) تفتح ملف الأضرار الإقتصادية لمرض الحمى النزفية ..

اللجنة الإقتصادية بالبرلمان : النزفية أحدثت أضــراراً في قطاع اللحــوم والألبان ومنتجاتها
تقرير: إبتهاج العريفي
ظلت الآثار السالبة التي صاحبت تردد إنتشار الحمى النزفية تلاحق القطاعات الإنتاجية المهمة في البلاد وأحدثت أضراراً كبيرة بالفئات ذات الدخل المحدود.
ولا شك أن تأثر ذات الجهات بالظاهرة يرجع الى تأثر رأس المال الذي تعتمد عليه باعتباره أساسياً للحركة الإقتصادية الشرائية، والتي ينمو على إثرها الإقتصاد المعيشي للفئات الضعيفة. ولما كان قطاع الثروة الحيوانية يمثل أحد دعامات الإقتصاد الوطني، لم يسلم من هذه الآثار.


ربكة في إستهلاك
اللحوم والألبان

أوضح د. بابكر محمد التوم نائب رئيس اللجنة الإقتصادية بالبرلمان أن الأزمة أحدثت ربكة للمستهلكين خاصة في قطاع اللحوم والألبان ومنتجاتها، موضحاً أن كثيراً من المواطنين قد أحجموا عن شراء اللحوم والألبان وقد وصل سعر رطل اللبن في بعض المناطق الى (50) قرشاً وكذلك اللحوم إنخفضت الى (4) جنيهات للكيلو، بينما ارتفعت أسعار الفراخ والأسماك بصورة جنونية، هذا على المستوى الداخلي. كما انعكس الأثر الإقتصادي على أسعار الضأن والأبقار ولم تتأثر بذلك الإبل، إضافة إلى أنها أضرت بمنتجي الماشية وصناعاتها المختلفة وعلى مزارع الألبان.

وعلى مستوى الصادر فقد تُحدث آثاراً اقتصاية رغم الدفاع المستميت الذي قدمته وزارة الثروة الحيوانية والصحة وأثبتت خلو الماشية بالبراهين والمستندات والفحص المعملي إلا أنه من ناحية نفسية يوجد إحجام لبعض المستوردين، رغم أن بعض الدول المستوردة مثل السعودية قامت بفحص السفن الآتية من السودان كل حيوان على حدا وتأكدت من أنها خالية من المرض وبجانب ذلك فإن تأكيدات منظمة الصحة العالمية والفاو وزياراتهم للسودان أثبتت أن الحيوانات السودانية سليمة ومع ذلك من المتوقع أن الحديث عن هذا المرض يؤثر على حجم الصادرات السودانية في هذا القطاع، ولكن بحمد الله علمنا أن (90%) من حجم الهدي صُدر وبالتالي يجب أن نكثف الجهود لحماية قطاع الحيوان باعتباره أحد الدعائم الأساسية للإقتصاد القومي. وأبان د. بابكر أنه من المؤكد أن يحدث أثر على البنوك لأنها هي التي مولت المصدرين الذين يتأثرون نتيجة لتأثر الإقتصاد العام الذي يمتد أثره للجهة الممولة.


إهمال من البياطرة
ويرى محمد علي محسي الخبير الإقتصادي أن الحمى النزفية تؤثر على اقتصاد البلد تأثيراً كبيراً. وقال من المتوقع أن يتوقف النمو الإقتصادي اذا (استمر الحال هكذا) وعزا ذلك لعدم إهتمام الأطباء البيطريين في السودان بقطاع الثروة الحيوانية، مبيناً أن مهمة الطبيب البيطري مراقبة تطور حالة الإصابة التي تظهر على الحيوان ويقوم بالمعالجة الفورية حتى لا تصل مرحلة الكارثة التي نحن بصددها الآن، موضحاً أن الثروة الحيوانية قد تضاعفت أكثر من (20) مرة منذ الإستقلال. وقال لكي نتحاشى مثل هذه الأحداث لابد من متابعة أمراض الحيوان وبوجود نظام معين، لكن حمايتها من ناحية التصدير غير موجودة خاصة وأنها ترحل من أقصى الغرب وتأتي دون إشراف أو حماية بيطرية راجلة مما يحدث لها «التعضيل» لتركيبة اللحم مما يؤثر ذلك في عملية التصدير. مضيفاً أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج تستورد من السودان لخاصية الجودة التي يتميز بها المنتج الحيواني لأنها تربى بطريقة معينة. وقال إن الخراف السودانية تختلف من بلد لآخر لأنها تعطي كمية كبيرة من اللحم وترعى في علف متجدد ومستوى أرض خضراء. وأكد الخبير الإقتصادي أن السعودية أكبر بلد مشترٍ للحوم السودانية بالرغم من أنها قامت بعد السودان لكن بها ضوابط، إذ أنهم يضعون ضوابط تحد من دخول الأمراض لها حتى لا يتأثروا اقتصادياً. ومن مشاكل الثروة الحيوانية أنه لا يوجد أي احصاء يعتمد عليه وحتى أننا لا نستطيع تحديد رقم معين لحجم الثروة الحيوانية التي بحوزتنا الآن.


إستثمار في رأس المال البشري
وقال د. محمد الجاك الخبير الإقتصادي بكلية الدراسات التقنية والتنموية بجامعة الخرطوم إن الإقتصاديين ينظرون الى الإنفاق والإستثمار في القطاع الصحي، من حيث أنه استثمار في رأس المال البشري ويهدف الى زيادة إنتاجية الفرد ومن هذا المنطلق فإن الإهتمام بالحالة الصحية في أي مجتمع ترتبط بمتطلبات التطور الإقتصادي والنمو، ومن هذا فإن أي وباء يتعرض له الأفراد في أي مجتمع لابد أن تصاحبه آثار متعددة الجوانب ومن أهمها الآثار الإقتصادية. ويقول في إطار ذلك يمكن النظر الى الآثار الإقتصادية الناجمة عن أزمة الحمى النزفية، الذي شهدته بعض ولايات السودان الأمر الذي انعكس على الأسواق، خاصة الثروة الحيوانية ومنتجاتها التي يظن البعض أنها مصدر المرض، فالطلب على هذه الحيوانات ومنتجاتها سينخفض. وأكد د.الجاك أن المستهلك في هذه الظروف حتماً سوف يميل الى البدائل المتوفرة وبذلك يمتدالأثر الإقتصادي فينعكس على العائدات بالنسبة للعاملين في قطاع الثروة الحيوانية ومنتجاتها ويؤثر ذلك على حجم الإنتاج والمعروض من هذه السلع، مضيفاً: إن الآثار الإقتصادية تشمل العائدات الخارجية من صادرات المواشي، حيث تنظر العديد من الدول التي تستقبل صادرات البلاد في امكانية التوقف أو تقليل حجم هذه الصادرات، مما ينعكس على إيرادات البلاد من العملة الأجنبية، ويؤثر ذلك بدوره سلباً على ميزان مدفوعات الدولة، حيث يقل عرض العملات الأجنبية وفوق ذلك يبرز الأثر الإقتصادي في انخفاض فرص العمالة التي يوفرها هذا القطاع بالنسبة للعمالة المختلفة، خاصة العمالة غير الماهرة أو المتوسطة التأهيل وحتماً سوف يرتبط ذلك من حيث الأثر الإقتصادي بتوزيعات الدخول في المجتمع مما قد يعمق درجة اللامساواة الدخيلة في المجتمع، ويعتبر ذلك مؤشراً لاستشراء ظاهرة الفقر والآن توجهت أذواق المستهلكين نحو السلع البديلة مما يؤثر على أسعار هذه البدائل فتتصاعد. واستشهد د. الجاك بأن أسعار الألبان المجففة كبدائل للألبان الطازجة ارتفعت إرتفاعاً ملحوظاً في الأسابيع الماضية، وفي الحاضر تتجه الجهود لاحتواء هذه الأزمة من الجهات المختصة لتخفيف الأثر من مرض الحمى النزفية. وأوضح أن هذا التصاعد في الأسعار سيقلل من القوة الشرائية للمستهلك وبالتالي مستوى الرفاهية التي يتمتع بها.