بعد بضعة شهور سيؤدي ارتفاع المياه خلف سد مروي الذي يبنيه الصينيون على النيل في شمال السودان الى غرق قرى باكملها.
ويثير تشييد هذا السد الذي يستهدف مضاعفة الطاقة الكهربائية في السودان جدلا واسعا خاصة في ظل غضب سكان القرى المهددة الذين لا يرغبون في الرحيل من اراضيهم كما انه يهدد باختفاء كنوز اثرية الى الابد.
ويقول خليفة عمر علي من سكان بلدة امري "لا اتخيل ان اجد الارض التي اشتراها جدي والبيت الذي ولدت فيه قبل 38 عاما وقد غمرتهما المياه واصبحا في قاع البحيرة".
وستمتد البحيرة خلف سد مروي بطول 175 كلم وبعرض اربعة كلم وستغمر بذلك اراض زراعية خصبة. وسيتم نقل 60 الف سوداني يقيمون في المنطقة الى اربعة قرى جديدة شيدتها الحكومة السودانية.
وبالقرب من امري تقع بلدة ارقو التي ستكون من اوائل القرى التي ستغمرها المياه. وقامت الجرافات بالفعل بهدم المباني ولم يبق فيها الا مئذنة مسجد.
وفي بلد يشهد عدة نزاعات يمكن ان يخلق بناء سد مروي بؤرة توتر جديدة. ويؤكد علي انه "لو كان معي سلاح لحملته ضد الحكومة". وبدأت اعادة توطين مئات الاسر من قريتي امري وهمبد في القرى التي شيدت حديثا.
ولكن قبيلة المناصير وهي الاكبر في المنطقة تقاوم. ويؤكد علي اسكوري وهو من المناصير ويدير جمعية محلية معارضة لبناء السد ان "هناك مشكلة حقيقية فالسلطات تريد نقل الناس في حين انهم يرغبون في البقاء في قراهم". وشيدت الحكومة اربع قرى لاعادة توطين السكان الذين سيتم نقلهم.
ويقول محمد ابراهيم الذي سيتم نقل اسرته مع 12 اسرة اخرى في اب/اغسطس المقبل "اننا نزرع الطماطم وخضروات اخرى ولن نتمكن من زراعة هذه المنتجات في عامري الجديدة فهناك دراسة اجرتها جامعة الخرطوم اكدت ان الارض هنا جافة للغاية". ويضيف علي "الحكومة وعدتنا بحياة جديدة ولكنني اظن اننا سنصبح لاجئين".
ويعد مشروع سد مروي الذي تبلغ كلفته 1,8 مليار دولار اهم مشروع على النيل منذ بناء سد اسوان في ستينات القرن الماضي في مصر.
ويشيد السد كونسورتيوم صيني ويعمل في بنائه 5 الاف عامل. كما تشارك شركات اخرى في المشروع من بينها الستوم الفرنسية.
ويقول اسكوري باستياء "على حد علمي لا يعمل في المشروع اي مواطن من سكان المنطقة" في حين يتم استخدام عمالة رخيصة قادمة من النيجر وتشاد.
ولكن غضب السكان موجه اساسا للحكومة. ويوضح علي "لسنا ضد الصينيين فمشكلتنا مع الحكومة التي اثبتت انها ليست على تواصل مع شعبها". ويتابع "هناك نزاعات في الجنوب والغرب والشرق ويمكن ان يندلع نزاع عندنا". وتتابع مصر ببعض القلق بناء السد.
ولكن لن يتم تخزين اكثر من 18,5 مليار متر مكعب من المياه خلف سد مروي وهو ما يوازي الحصة المقررة للسودان من مياه النيل طبقا للاتفاقية المبرمة بين القاهرة والخرطوم عام 1959.
كما ان طمي النيل الذي سيحتجز خلف سد مروي لن يصل إلى مصر وهو ما يساهم في اطالة عمر سد اسوان.
وسيؤدي السد الذي يقام قبل هرم نوري إلي غرق مناطق غنية بالاثار وهو ما جعل السلطات تقوم ببرنامج سريع للتنقيب في هذه المنطقة.
منقول من وكالة نبا ....
اليوم 18 اغسطس 2008