أكاد أجزم بأن كل مواطن سوداني مغترب وخصوصا في دول الخليج يتمنى لو أن الحكومة تصدر قرارا اليوم برفع الضريبة عن المغتربين، فلقد صار رفع الضريبة عنهم حلما يراود الكثيرين منهم خاصة الذين عجزوا خلال الفترات الطويلةالسابقة من تأمين حياتهم بالصورة التي تضمن لهم استقرارا لمعيشتهم، والأسباب لذلك كثيرة، فكلما تقدم الزمن كلما زدات الالتزامات الأسرية والشخصية والعائلية على المغترب، ومعروف عن السودانيين أن مسؤولياتهم العائلية غالبا ما تتعدى حدود الأب والأم والاخوان الى الاقارب من خالات وأعمام وأخوال وعيالهم... بل حتى المعارف والجيران.... ولعل البعض يرى في ذلك عيبا والتزاما لا ضرورة لها... لكنني أؤمن بأن هذا من نتاج التفاعل الانساني للمجتمع السوداني المتآلف والمتحابب...
ولعل من المناسب أن تلتفت الدولة الى هذه الشريحة من المواطنين الذين قضوا مدة طويلة في الخليج وأمسوا عاجزين عن مقابلة تكاليف الحياة بعد تعاظم أعباؤهم وكبرت مسؤولياتهم.... وفي تقديري فإن النظر في رفع الضريبة عن هذه الشريحة يمثل نوعا من اهتمام الدولة برعاياها في الخارج، فما تأخذها منهم الدولة لا يشكل الا نسبة قليلة لا يخسر الوطن باعفائها منهم شيئا... بل تكون الدولة بذلك قدمت نموذجا مجسدا لروح التكافل الاجتماعي الذي يأمر به الدين الاسلامي... وتكون بحق رسمت البسمة على وجوه هؤلاء البائيسين... خاصة وأن الدولة قد قررت باعطاء هذه الشريحة جزءا من الزكاة التي تجمع في السفارات... وهذا بحد ذاته اعتراف منها بحاجة هؤلاء الى المساعدة والدعم، فهل من المعقول أن تأتي الدولةنفسها من باب آخر لتطالبهم بدفع الضرائب؟ كلا... اذا فعلت هذا ففي رأيي أنها تأخذ منهم باليد اليسرى ما أعطتهم باليد اليسرى.